فضاء حر

القاعدة ضحية الإمبريالية وسلاحها

يمنات
الإرهاب والتطرف هو في طبيعته المادية وتمظهراته الايدلوجية نتيجة للتغريب الاقتصادي والثقافي للغرب الامبريالي على هذه الشعوب المُفقرة، فسحق الاقتصاد لهذه البلدان يرافقه سحق لهذه الثقافات لحساب العولمة الامبريالية (الامريكية)؛ فيصبح رد الفعل أمام هذا التغريب هو التطرف والعودة إلى السلفية والتحوصر في جماعات مغلقه تهجر المحيط، ترى الخارج كافراً؛ فهي جماعات معادية لمحيطها الاجتماعي.
و في المناطق التي تسيطر عليها لا تستطيع أن تتعايش مع مجتمعها إلا بتهجيرهم وفرض نمطها الخاص عليهم، و الذي ترى به الحل كما يحدث حالياً في سوريا والعراق من قبل “داعش” وكما حدث في ابين من قبل “أنصار الشريعة” و”الشباب المجاهد” في الصومال.
و قد تداخل هذا التغريب الاقتصادي في العالم العربي الإسلامي مع حقيقة أن القومية العربية قومية مهزومة، فيُفسر هذا الأمر بالنسبة لهم بأنه نتاج إتباعنا للغرب الكافر وان الحل هو العودة للدين الذين يفرضوه وهو دين متوحش تماماً بقدر توحش الامبريالية العالمية.
القول أن التغريب هو الأساس المادي والعقائدي لهذه الجماعات لا ينفي أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية اخترقتهم ووجهتهم في خدمة مشاريعها، بل وسلحتهم كما فعلت أمريكا مع السوفيت وكما يحدث اليوم في سوريا، والنظر إلى هذه الجماعات وكأنها صناعة أمريكية محضة هو خطا، كما أن النظر إليها باعتبارها جماعات متطرفة وفقط غير صحيح؛ فهي جماعات متطرفة نتاج التغريب الاقتصادي والثقافي الامبريالي الذين تحدثنا عنه، وهي بذات الوقت مُخترقة وتخدم مشاريع أمريكية صهيونية ويجب التعامل مع هَذين البُعدين في الحرب عليها.
و كأي ظاهرة اجتماعية لها أبعادها الاقتصادية والثقافية، فإن الحرب على القاعدة بجماعاتها المختلفة يجب أن يمس هذين البُعدين، وفي الحالة اليمنية هناك خصوصية لاختراق القاعدة لجهاز الدولة والدفاع ولكونهم تاريخياً كانوا جزء من السُلطة ويتمتعون بمزاياها؛ وهكذا فلن نحقق انتصار عسكري على القاعدة إلا بتدمير (جهاز الأمن السياسي) فهو مُخترق تماماً ويعطيهم بعد لوجيستي، كما أنه يجب محاكمة بعض قيادة التجمع اليمني للإصلاح وقيادات دينية بارزة، و التي تمثل الدعم السياسي لهم، بهذه الطريقة يمكن إسقاطهم عسكرياً ويجب أن يرافق هذه العملية عملية تنموية وحرب على هذه الايدلوجية المتطرفة في التعليم والإعلام والمراكز الدينية.
و ما لا يمكننا نفيه هو العلاقة العضوية بين القاعدة وجماعات الإخوان المُسلمين في الوطن العربي فالتجربة الجزائرية وما يحدث اليوم في سوريا هي تعبيرات واضحة، زد عليها ثلاثة خطابات من أعلى الأهرام السياسية لجماعة الإخوان.
تحدث المرزوقي محذراً أن هناك جماعات متطرفة تريد أن تلتهم السُلطة في حال سقوط الإخوان في تونس، ولم تمضي أشهر حتى تم خطف جنود وذبحهم، كما تحدث مرشد الإخوان بمصر أن العمليات في سيناء التي كانت تقوم بها الجماعات المتطرفة لن تتوقف إلا بعوده مرسي إلى الحكم، ولم تمضي أشهر إلا و تم خطف جنود وذبحهم ، وعندن في اليمن تحدث اليدومي مُبشراً بداعش اليمن ولم تمضي أسابيع حتى تم خطف جنود في سيئون وذبحهم، وكل هذا الذبح في اليمن ومصر وسوريا والعراق القصد منه إرهاب المُحيط الاجتماعي لهذه الجماعات وسيطرتهم عليه، وللتدقيق فكل الدول التي تنشط فيها القاعدة هي الدول التي تشكلت كدول وطنية بعيد عن الهيمنة الأمريكية وذات تسليح روسي وهي الجزائر العراق ليبيا سوريا واليمن مع خصوصية اليمن الجنوبية والتي تعرضت للضربة في 94 فبعد سقوٍط المعسكر الاشتراكي أخذت الامبريالية على عاتقها هدم هذه التجارب لأحكام سيطرتها على السوق العالمية وعلى ثروات الشعوب.

زر الذهاب إلى الأعلى